للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما جرى. وحين أراد الحق الشهادة من امرأتين، لم يطلب ذلك لضعف الثقة في المرأة أو زيادة الثقة في الرجل، ولكن لأن الشهادة ليست ابتكار عقل ولكنها حضور مشهد وأمانة نقل.

إن البعض يحاول أن يروج لمثل هذه القضايا وكأنها وسيلة للتهجم على بعض الداعين لله، ولذلك أقول لهم: يجب أن يفهم الإنسان منكم الفارق بين عداوته مع بعض الداعين إلى الله وأن يتعدى حدوده إلى أن يحاد الله؛ لأن الإنسان منهم لا يرد الحكم على الداعية، وإنما يرد الحكم على الله.

وأمر الحق سبحانه في شهادة اثنين من الرجال أن يؤديا الصلاة، ثم يتم حبسهما لفترة، وبعد ذلك يتم استدعاؤهما للشهادة، فإن رد أهل الميت شهادتهما في أمر الوصية فيتم استدعاء اثنين من أولياء الميت لأداء الشهادة في شأن الوصية، كل ذلك لماذا؟ من أجل أن تأتي الشهادة على وجهها الصحيح الذي يُظهر كلَّ الحقيقة.

ويذيل الحق القول الكريم: {واتقوا الله واسمعوا والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} وذلك بلاغ للمؤمنين كافة وإلى الناس عامة؛ لأن الله لا يهدي إلا من تطامن إلى منهج الله، أما من يفسق فلن يعينه الله، ذلك أن الله لا يعين كافراً ولا ظالماً ولا فاسقاً. أما من آمن بالله، فالحق سبحانه وتعالى يعينه على هذا المنهج ويهديه إلى الصراط المستقيم.

ولماذا أنزل الله هذه الآيات بعد أن أجرى الأحداث التي تتطلبها؟ نعرف أن الحكم إن نزل في ظرف يتطلبه، تكون النفس إليه أشوق وبه أعلق، مثال ذلك: كوب الماء الذي يتناوله العطشان، إنه يتناوله بشوق ولهفة. عكس الإنسان الذي يتناول كوب الماء وهو غير عطشان، فقد يضعه في مكان قريب منه دون أن يشربه، وكذلك الدواء الذي يُؤتى به للمريض لحظة معاناته القصوى من المرض، إنه يقبل عليه بلهفة مهما كان مر الطعم، وهكذا جاءت بعض أحكام القرآن مناسبة لأحداث وقعت لتكون اللهفة على التطبيق موجودة في النفوس المؤمنة.

ويقول الحق تعالى بعد ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>