إن الذين قرأوا هذه الأوصاف لو أخرجوا أنفسهم عن سلطتهم الزمنية لآمنوا على الفور برسالة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ كما فعل «عبد الله بن سلام» رَضِيَ اللَّهُ عَنْه حين قال: لقد عرفته حين رأيته وعرفته كابني، ومعرفتي لمحمد أشد ونسي هؤلاء أنهم هم الذين نُصروا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دون أن يدروا؛ فقد كانوا يستفتحون به على الأوس والخزرج، وقالوا للأوس والخزرج: قَرُب مجيء نبي منكم سنؤمن به ونتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم. وأسرع الأوس والخزرج للإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قائلين:
لعل هذا هو النبي الذي توعدتنا به يهود، هيا نسبق إليه.
إذن فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يقتحم العالم بهذا الدين، بل عَرَفَ نبأ مقدمه وبعثه وصورته ونعته كلُّ من له صلة بكتاب من كتب السماء. إنهم يعلمون أنه الرسول الخاتم الذي ختمت به أخبار السماء إلى الأرض.
ولذلك يقول الحق سبحانه:{الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ ... }