للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بروح القدس في كل أمر من الأمور. . وكلمة روح تأتي على معنيين. . المعنى الأول ما يدخل الجسم فيعطيه الحركة والحياة. . وهناك روح أخرى هي روح القيم تجعل الحركة نافعة ومفيدة. . ولذلك سمى الحق سبحانه وتعالى القرآن بالروح. . واقرأ قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢]

والقرآن روح. . من لا يعمل به تكون حركة حياته بلا قيم. . إذن كل ما يتصل بالمنهج فهو روح. . والقدس هذه الكلمة تأتي مرة بضم القاف وتسكين الدال. . ومرة بضم القاف وضم الدال. . وكلا اللفظين صحيح وهي تفيد الطهر والتنزه عن كل ما يعيب ويشين. . والقدس يعني المطهر عن كل شائبة.

قوله تبارك وتعالى: {أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تهوى أَنْفُسُكُمْ استكبرتم} قوله تعالى: «أفكلما» . . هناك عطف وهناك استفهام، وهي تعني أكفرتم، وكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم. . أي إن اليهود جعلوا أنفسهم مشرعين من دون الله. . وهم يريدون أن يشرعوا لرسلهم. . فإذا جاء الرسول بما يخالف هواهم كذَّبوه أو قتلوه.

وقوله تعالى: {بِمَا لاَ تهوى أَنْفُسُكُمْ} . . هناك هَوَى بالفتحة على الواو وهَوِيَ بالكسرة على الواو. . هَوَى بالفتحة على الواو بمعنى سقط إلى أسفل. . وهَوِيَ بالكسرة على الواو معناه أحب وأشتهى.

. اللفظان ملتقيان. . الأول معناه الهبوط، والثاني حب الشهوة والهوى يؤدي إلى الهبوط. . ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى حينما يشرع يقول (تَعَالَوْا) ومعناها؟ إرتفعوا من موقعكم الهابط. . إذن فالمنهج جاء ليعصمنا من السقوط. . ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. . يعطينا هذا المعنى، وكيف أن الدين يعصمنا من أن نهوى ونسقط في جهنم يقول:

«إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعْن فيه فأنا آخذ بحجزكم وأنتم موحمون فيه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>