لأن الحق سبحانه إنما يقبل توبة من ارتكب الذنب في حالة الحماقة والطيش، ويقبلون على التوبة فوراً، هؤلاء يقبل الحق توبتهم، أما الذين لا يندمون على فعل السوء فيقول الحق عنهم:{وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أولئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}[النساء: ١٨] .
إن الذين لا يُقبلون على التوبة من فور ارتكاب الذنب وينتظر الإنسان منهم مجيء الموت ليتوب قبله أي وهو في حالة الغرغرة - وهي تردد الروح في الحلق عند الموت - هؤلاء لا تقبل لهم توبة، وكذلك الذين يموتون على الكفر - والعياذ بالله - وقد أعد الله لكليهما عذاباً أليماً.
والحق سبحانه قد وضح لنا قبل ذلك فقال:{أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سواءا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الأنعام: ٥٤] .
إذن فالتوبة يجب أن يتبعها إصلاح وصلاح؛ ذلك أن الحسنات يذهبن السيئات، والحق سبحانه غفور لا يعاقب على ذنب تاب عنه العبد، ورحيم لأنه يثيب على الفعل الحسن، بل إنه يثيب الإنسان الذي يكرر ندمه على فعل سيء ويكتب له عن ذلك حسنة. بل إنه - بسعة رحمته - يبدل سيئاته حسنات.
ويقول الحق من بعد ذلك:{وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيات ... }