امتناع ابتغاء المصلحة لا امتناع الدين. ولكن علينا - نحن المسلمين - أن نقبل على مثل هذا الامتناع لأنه من الإيمان.
ولذلك يقول الحق سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين}[فصلت: ٣٣] .
هكذا نعرف أنه لا أحد أحسن قولاً ممن يمتثل إلى أوامر الحق لأنه مُقرّ بوحدانية الحق سبحانه، ويعمل كل عمل صالح ويقرّ بأن هذا العمل هو تطبيق لشريعة الله:
{قُلْ إِنِّي على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي} القول يدلنا أننا دون بينة من الله لا نعرف المنهج، ولكن ببينة من الله نعلم أنه إله واحد أنزل منهجاً «افعل» و «لا تفعل» . وجاء الحق هنا بكلمة «ربي» حتى نعرف أنه الخالق الذي يتولى تربيتنا جميعاً. وما دام سبحانه وتعالى قد خلقنا، وتولى تربيتنا فلا بد أن نمتثل لمنهجه. وقد أنزل الإله تكليفاً لأنه معبود، وهو في الوقت نفسه الرب الذي خلق ورزق، ولذلك نمتثل لمنهجه، أما المكذبون فماذا عنهم؟ {وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الحق وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين}[الأنعام: ٥٧] .
فالذين كذبوا بالله اتخذوا من دونه أنداداً، ولم يمتثلوا لمنهجه، بل تمادى بعضهم في الكفر وقالوا ما رواه الحق عليهم:{وَإِذْ قَالُواْ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢] .
وعندما نناقش ما قالوه، نجد أنهم قالوا:«اللهم» وهذا اعتراف منهم بإله يتوجهون إليه. وما داموا قد اعترفوا بالإله فلماذا ينصرفون عن الامتثال لمنهجه وعبادته؟ . هم يفعلون لأنهم نموذج للصلف والمكابرة المتمثل في قولهم: