فكلمة (تدعونه) : قول و (تضرعا) : فعل لأنه خشوع وخضوع - و (خفية) : انكسار القلب وخشيته و «أنجانا» تدل على التعدد؛ لأن الفعل للتجدد والحدوث وأيضاً قوله:{قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ} يدل على التكثير، أي أنه لا ينجِّي مرة واحدة ولكنه ينجِّي لمرات كثيرة. ويأتي لنا سبحانه بصور كثيرة لقدرته على أن ينجِّينا إما بتكرار النجاة أو بتعدي النجاة من موقف لموقف. وتكرار النجاة هو أن يكون الحدث واحداً وينجي الحق فيه أفراداً كثيرين، أو يكون الحدث واحداً والطالب للنجاة منه فرداً واحداً، ويكرر الله نجاته من هذا الحدث. إن الحق سبحانه ينجِّي الفرد أو الجماعة من الأحداث أو الكوارث المختلفة. وسبحانه القائل:{وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ}[يونس: ١٢] .
إن الإنسان إذا ما أصابه الضر في نفسه أو ماله أو نحو ذلك، أحس بضعفه ودعا ربه في أي حالة من حالاته - سواء أكان مضطجعاً أم قاعداً أم قائماً - حتى يكشف الله عنه هذا البلاء، وعندما يستجيب الله لدعاء هذا الإنسان ينسى هذا الإنسان فضل الله عليه كأنه لم يدع الله أن يزيل عنه الضر.
وسبحانه - هنا - يُذكِّر المشركين ومن كان على شاكلتهم أنهم عندما يصيبهم الضر في البحر يغيب عنهم كل من كانوا يدعونه سواء من الأصنام أو غيرها ولا يلجأون إلا الله حتى ينجيهم من الغرق ويخرجهم إلى البر، ومن بعد ذلك يعودون إلى الشرك بالله والجحود بنعمته سبحانه.
وكذلك هنا في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها.