مهتمك، فسبحانه هو الذي خلقك، وفي عرف البشر، لا توجد صنعة تحدد مهمتها أبداً، بل إن الصانع هو الذي يحدد لها الغاية منها؛ فالغاية توجد أولاً قبل الصنعة، وما دامت الغاية موجودة قبل الصنعة فمن الذي يشقى بالتجارب إذن؟ .
في الابتكارات العلمية المعملية المادية التي تنشأ من التفاعل مع المادة نجد أن الذي يشقى بالتجربة أولاً هو العالم، وأنت لا تعلم التجربة إلا بعد ما تظهر نتائجها الطيبة، والمسائل النظرية التي تتعب العالم يأتي التعب منها لأنها ليست مربوطة أولاً بالماديات المقننة وبمعرفة الغاية، ولا بمعرفة الوسيلة لهذه الغاية. فمن المهتدي إذن؟
إن المهتدي هو من يعرف الغاية التي يسعى إليها، والوسيلة التي تؤهله إلى هذه الغاية. وإذا حدث له عطب في ملكات نفسه، يستعين في إصلاح العطب ويلجأ إلى من صنع هذه الملكات، وهو الله سبحانه، كما يرد الإنسان الآلة التي تتعطل لصانعها. ونجد كثيراً من الشعراء يسرحون في خيالهم فيقول الواحد منهم:
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ... ومن أين للغايات بعد المذاهب؟
ونقول له: من خلقك أوضح لك الغاية.
ويقول الحق بعد ذلك:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ على قَوْمِهِ نَرْفَعُ ... }