الفاسد، والدم الفاسد هو الذي لم تتم تنقيته، وعندما نذبح الذبيحة ينزل منها الدم الفاسد وغيره، أي أننا ضحينا بالدم الصالح في سبيل وقايتنا من الدم الفاسد. لكنها إن ماتت دون ذبح؛ فآثار الدمين الاثنين موجودة. وكذلك آثار الفضلات التي كان يجب أن يتخلص منها، وهذا ما نفعله في هذا الأمر، لكن هل لنا مع الحق سبحانه وتعالى تعقل في شيء إلا في توثيق الحكم والاطمئنان إلى مجيئه منه جلت قدرته؟
كان جدلهم انهم قالوا: أنتم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله، فأنتم تظنون أنفسكم أحسن من الله، وهذا افتراء منهم.
ثم إن الحيوان حين يموت لم يذكر عليه اسم الله، لكن الذبيحة التي نذبحها نذكر عليها اسم الله، فكأن الحق سبحانه وتعالى يوضح: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه. أي غير الميتة وغير ما يذبح للأصنام. {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ}[الأنعام ١١٨]
إنَّ تلقي أي حكم من الحق، لا يصح أبداً أن نبحث عن علته أولاً ثم نؤمن به، بل علينا بعد أن نثق بأنه من الله الذي آمنا به. علينا إذن أن نأخذ الحكم الذي أمر به الله.
وللآيتين - كما علمنا - سبب نزلتا من أجله وهو أن بعض المعارضين لرسول الله الذين يقفون من الدعوة موقف التكذيب والعمل على إبطالها والقضاء عليها كانوا يُشيعون عند المؤمنين إشاعات قد تفت في عضدهم العقدي فعرضوا هذه المسألة وهي في ظاهرها تشكيك. وهم قد عرضوا القضية بهذا الشكل غير المتسق؛ لأن من الذي قتل؟ لقد قالوا: إن الميتة قتلها الله، فهل الله هو الذي قطع رقبتها؟ وهل