عندما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم خُيِّل للموجودين إنها حيات تسعى. . ولكن هل خيل للسحرة إنها حيات؟ طبعا لا. . لأن أحدا لم يسحر أعين السحرة. . ولذلك ظل ما ألقوه في أعينهم حبالا وعِصِيّاً. . حين ألقى موسى عصاه واقرأ قوله تبارك وتعالى:{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صنعوا إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى فَأُلْقِيَ السحرة سُجَّداً قالوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وموسى}[طه: ٦٩ - ٧٠]
هنا تظهر حقيقة السحر. . لماذا سجد السحرة؟ لأن حبالهم وعصيهم ظلت كما هي حبالا وعصيا. . ذلك أن أحدا لم يسحر أعينهم.
. ولكن عندما ألقى موسى عصاه تحولت إلى حية حقيقية. . فعرفوا أن هذا ليس سحرا ولكنها معجزة من الله سبحانه وتعالى. . لماذا؟ لأن السحر لا يغير طبيعة الأشياء، وهم تأكدوا أن عصا موسى قد تحولت إلى حية. . ولكن حبالهم وعصيهم ظلت كما هي وإن كان قد خيل إلى الناس أنها تحولت إلى حية.
إذن فالسحر تخيل والساحر يرى الشيء على حقيقته لذلك فإنه لا يخاف. . بينما المسحورون الذين هم الناس يتخيلون أن الشيء قد تغيرت طبيعته. . ولذلك سجد السحرة لأنهم عرفوا أن معجزة موسى ليست سحرا. . ولكنها شيء فوق طاقة البشر.
السحر إِذن تخيل والشياطين لهم قدرة التشكل بأي صورة من الصور، ونحن لا نستطيع أن ندرك الشيطان على صورته الحقيقية، ولكنه إذا تشكل نستطيع أن نراه في صورة مادية. . فإذا تشكل في صورة إنسان رأيناه إنسانا، وإذا تشكل في صورة حيوان رأيناه حيوانا، وفي هذه الحالة تحكمه الصورة. . فإذا تشكل كإنسان وأطلقت عليه الرصاص مات، وإذا تشكل في صورة حيوان ودهمته بسيارتك مات، ذلك لأن الصورة تحكمه بقانونها. . وهذا هو السر في إنه لا يبقى في تشكله إلا لمحة ثم يختفي في ثوان. . لماذا؟ لأنه يخشى ممن يراه في هذه الصورة أن يقتله خصوصا أن قانون التشكل يحكمه. . ولذلك فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين تشكل له الشيطان في صورة إنسان قال: