ثم يعطيه لآخر ليغزله وينسجه ثوبا ويعيده إلى صاحبه. . فكأن ما أرسله من الصوف رد إليه كثوب. . ولذلك سميت مثوبة لأن الخير يعود إليك لتنتفع به نفعا عاليا. . وكذلك الثواب عن العمل الصالح يرتد إليك بالنفع العالي.
إذن فكلمة ثوب جاء منها الثواب، والله سبحانه وتعالى علمنا أن الثواب لستر العورة. . والعمل الصالح يستر الأمراض المعنوية والنفسية في الإنسان. . وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:{قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التقوى ذلك خَيْرٌ}[الأعراف: ٢٦]
فكأن هناك لباسين أحدهما لستر العورة. . والثاني لستر الإنسان من العذاب. . ولباس التقوى خير من لباس ستر العورة. . قوله تعالى:{لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ الله خَيْرٌ} . . انظر إلى المثوبة التي تأتي من عند الله. . إذا كان الثواب يأتيك من عند من صنعه جميلا مزركشا وله ألوان مبهجة.
. إذا كان هذا ما يصنعه لك بشر فما بالك بالثواب الذي يأتيك من عند الله. إنه قمة الجمال. فالله هو القادر على أن يرد الثواب بقدراته سبحانه فيكون الرد عاليا وعاليا جدا، بحيث يضاعف الثواب مرات ومرات. على أننا لابد أن نتنبه إلى قول الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتقوا} قلنا معنى اتقوا أنهم جعلوا بينهم وبين صفات الجلال في الله وقاية. . ولذلك قلنا إن بعض الناس يتساءل. . كيف يقول الله تبارك وتعالى:«اتقوا الله» . . ويقول جل جلاله:«اتقوا النار» . . نقول إن معنى اتقوا الله أي اجعلوا بينكم وبين صفات الجلال في الله وقاية:«واتقوا النار» . . أي اجعلوا بينكم وبين عذاب النار وقاية. . لأن النار من متعلقات صفات الجلال. . لذلك فإن قوله:«اتقوا الله» . . تساوي:«اتقوا النار» . . والحق تبارك وتعالى حينما قال:«اتقوا» أطلقها عامة. . والحذف هنا المراد به التعميم. . والله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أن السحرة لو آمنوا بأن تعلم السحر فتنة تؤدي إلى الكفر. . واتقوا الله وخافوا عذابه في الآخرة لكان ذلك خيراً لهم. . لذلك قال جل جلاله:{لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ الله خَيْرٌ} . .
وساعة تسمع كلمة خير تأتي إلى الذهن كلمة شر. . لأن الخير يقابله الشر. . ولكن في بعض الأحيان كلمة خير لا يقابلها شر. ولكن يقابلها خير أقل. وكلمة