الأمور، ولم يعد هناك قوم يعيشون على جهد غيرهم وعرق سواهم، إذن فقول العدل هو مناط حركة الحياة الثابتة المستقيمة الرتيبة الرشيدة:{وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} .
والذي يؤثر في العدل هو الهوى، وحين يوجد الهوى فهو يحاول أن أن يميلك إلى ناحية ليس فيها الحق، وأولى النواحي أن يكون الأمر متعلقاً بك أو بقرابة لك، وقد تريد إن حكمت - والعياذ بالله - باطلاً، أن تسعد ذا قرباك، وأنت بذلك لم تؤد حق القرابة؛ لأن حق القرابة كان يقتضي أن تمنع عنه كل شيء محرّم وتحمي عرضه، وتحمي دينه قبل أن تحمي مصلحته في النفعية الزائلة. ولذلك يأمرك الحق بأن تقول الكلمة بالعدل ولو كان المحكوم له أو عليه ذا قربى؛ لأنك حين تحكم بالباطل فأنت في الواقع حكمت عليه لا له. {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ}[الأنعام: ١٥٢]
ونحن نعلم أن عهد الله هو ما عاهدنا الله عليه، وأول عهد وقمة العهود هو الإيمان به سبحانه، وترتب على ذلك أن نتلقى منه التكليف، فكل تكليف من تكاليف الله لخلقه يُعتبر عهداً داخلاً في إطار الإِيمان؛ لأن الله لا يحكم حكماً أو يبينه لمكلَّف إلا بعد أن يقول:{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ ... }[المائدة: ١]
أي يا من آمنت بالعهد الأصيل في القيم وهو العقيدة، وآمنت بي إلهاً: خذ التكليف مني؛ لأنك قد دخلت معي في عهد هو الإِيمان.
ولذلك لا يكلف الله بالأحكام كافراً به، إنما يقول:{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ} ولذلك يجب أن نأخذ كل حكم بدليله من الإِيمان بمن حكم به، فلا تبحث عن في كل حكم، وإنما علة كل حكم أن تؤمن بالذي أمرك ان تفعل كذا، فَعِلَّة كل هي الحكم.