و «ذلكم» إشارة إلى ما تقدم، من أول قوله سبحانه:{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}[الأنعام: ١٥١]
إلى أن انتهينا إلى قوله سبحانه:{وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ}[الأنعام: ١٥٢]
والتوصية تخصيص للتشريع؛ لأن التشريع يعم احكاماً كثيرة جدَّا، ولكن الوصية التي يوصي الله بها تكون هي عيون التشريع.
ولذلك قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عن هذه الآيات:«إنها محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب، وقيل إنهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار» .
ولم يوجد شرع جاء لينسخ واحدة من هذه الوصايا، ولذلك يقول اليهودي الذي أسلم وهو كعب الأحبار: «والذي نفس كعب بيده إنّ هذه الآيات لأول شيء في التوراة: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} . ثم نجد أن هذه الوصية الأخيرة هي جامعة لكل شيء؛ نجد تسع وصايا قد مرّت؛ خمسا منها قال فيها:{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، وأربعاً قال فيها:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، والعاشرة يقول:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، وهذه الوصية العاشرة هي الجامعة لكل أنواع الفضائل التكليفية إنّها قوله الحق:{وَأَنَّ هذا صِرَاطِي ... }