للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك إلا وقد تأكد أن الجواب يكون: لا، فلو كان الجواب يحتمل هذه أو تلك لما آمنك على الجواب. وكأنه يقول: إن أي عاقل يجيب على هذا السؤال سيوافقني في أنه لا ينبغي أن يتخذ غير الله ربًّا. {قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا ... } [الأنعام: ١٦٤]

و «أبغى» أي أطلب، و «تكسب» مأخوذة من مادة «كسب» و «اكتسب» ، و «كسب» دائماً تأتي في الخير - كما علمنا من قبل -، و «اكتسب» تأتي في الشر. لكنْ هناك أناس يعتادون على فعل السيئات ولم تعد تكلفهم شيئاً، فكأنها لسهولة ذلك عليهم تعتبر كسباً. ومن الحمق أن تقول هذا كسب، وهو عليك وليس لك؛ لأنك حين تنظر إلى التسمية نفسها تفهم أنها ليست رصيداً لك بل عليك. {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى ... } [الأنعام: ١٦٤]

والوزر هو الحمل الشاق، وإن اشتق منه شيء فإن المشقة والصعوبة تلازمه؛ ككلمة «وزير» ، والحق هو القائل: {واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي} [طه: ٢٩ - ٣١]

كأن موسى عليه السلام عرف أن حمل الرسالة إلى اليهود عملية شاقة فقال لله: أعطني أخي يساعدني في هذه المشقة.

والحق هو القائل: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: ١ - ٣]

وكان النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ في أول استقباله للوحي قد عانى من وقع هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>