هذه المسألة. . وكان هذا الاختلاف لأن أحدهم يلحظ ملحظا وغيره يلحظ ملحظا آخر وكلاهما يريد الحق. .
نأتي للنسخ في القرآن الكريم. . قوم قالوا لا نسخ في القرآن أبدا. . لماذا؟ لأن النسخ بداء على الله. . ما معنى البداء؟ هو أن تأتي بحكم ثم يأتي التطبيق فيثبت قصور الحكم عن مواجهة القضية فيعدل الحكم. . وهذا محال بالنسبة لله سبحانه وتعالى. . نقول لهم طبعا هذا المعنى مرفوض ومحال أن يطلق على الله تبارك وتعالى. . ولكننا نقول إن النسخ ليس بداء، وإنما هو إزالة الحكم والمجيء بحكم آخر. . ونقول لهم ساعة حكم الله الحكم أولا فهو سبحانه يعلم أن هذا الحكم له وقت محدود ينتهي فيه ثم يحل مكانه حكم جديد. . ولكن الظرف والمعاجلة يقتضيان أن يحدث ذلك بالتدريج. . وليس معنى ذلك أن الله سبحانه قد حكم بشيء ثم جاء واقع آخر أثبت أن الحكم قاصر فعدل الله عن الحكم. . إن هذا غير صحيح.
لماذا؟ . . لأنه ساعة حكم الله أولا كان يعلم أن الحكم له زمن أو يطبق لفترة. . ثم بعد ذلك ينسخ أو يبدل بحكم آخر. إذن فالمشرع الذي وضع هذا الحكم وضعه على أساس أنه سينتهي وسيحل محله حكم جديد. .
وليس هذا كواقع البشر. . فأحكام البشر وقوانينهم تعدل لأن واقع التطبيق يثبت قصور الحكم عن مواجهة قضايا الواقع. . لأنه ساعة وضع الناس الحكم علموا أشياء وخفيت عنهم أشياء. . فجاء الواقع ليظهر ما خفى وأصبح الحكم لابد أن ينسخ أو يعدل. . ولكن الأمر مع الله سبحانه وتعالى ليس كذلك. . أمر الله جعل الحكم موقوتا ساعة جاء الحكم الأول.
مثلا حين وجه الله المسلمين إلى بيت المقدس.
. أكانت القضية عند الله أن القبلة ستبقى إلى بيت المقدس طالما وجد الإسلام وإلى يوم القيامة؟ ثم بدا له سبحانه وتعالى أن يوجه المسلمين إلى الكعبة؟ لا. . لم تكن هذه هي الصورة. . ولكن كان في شرع الله أن يتوجه المسلمون أولا إلى بيت المقدس فترة ثم بعد ذلك يتوجهون إلى الكعبة إلى يوم القيامة.
إذن فالواقع لم يضطر المشرع إلى أن يعدل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة. .