للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كائن الآن فيه جزئ حي من لدن آدم، لم يطرأ عليه موت في أي حلقة من الحلقات.

إذن فكلنا كنا مطمورين في جزيئات آدم، وقال ربنا سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بنيءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ ... } [الأعراف: ١٧٢]

ونقول: صدق الحق فهو الخالق القادر على أن يخرجنا من ظهر آدم، وهكذا كان الخلق أولاً والتصوير أولاً، وكل ذلك في ترتيب طبيعي، وهو سبحانه له أمور يبديها ولا يبتديها، أي أنه سبحانه يظهرها فقط، فإذا خاطب آدم وخاطب ذريته فكأنه يخاطبنا جميعاً. {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين} [الأعراف: ١١]

وعرفنا من هم الملائكة من قبل، وما هي علة السجود. {فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين} .

والحق سبحانه يستثنيه بأنه لم يكن من الساجدين. وهذا دليل على أنه دخل في الأمر بالسجود، ولكن هل إبليس من الملائكة؟ لا؛ لأنك إذا جئت في القرآن ووجدت نصَّا يدل بالالتزام، ونصَّا يدل بالمطابقة والقطع فاحمل نص الالتزام على النص المحكم الذي يقطع بالحكم. وقد قال الحق في ذلك: {وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمََ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ... } [الكهف: ٥٠]

وفي هذا إخراج لإبليس من جنس الملائكية، وتقرير أنه من الجن، والجن كالإنس مخلوق على الاختيار، يمكنه أن يعصي يمكنه أن يطبع أو أن يعصي، إذن فقوله الحق: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>