للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن فكل آية نسخت كان في علم الله سبحانه وتعالى أنها ستطبق لفترة معينة ثم بعد ذلك ستعدل. . وكان كل من الحكم الذي سينسخ، والوقت الذي سيستغرقه، والحكم الذي سيأتي بعده معلوما عند الله تبارك وتعالى ومقررا منذ الأزل وقبل بداية الكون. . وأيضا فإن الله أراد أن يلفتنا بالتوجه إلى بيت المقدس أولا. . لأن الإسلام دين يشمل كل الأديان، وأن بيت المقدس سيصبح من مقدسات الإسلام. . وأنه لا يمكن لأحد أن يدعي أن المسلمين لن يكون لهم شأن في بيت المقدس، لذلك أسرى الله سبحانه وتعالى برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مكة إلى بيت المقدس. . ليثبت أن لبيت المقدس قداسة في الإسلام وإنه من المقدسات عند الله. . ومن هنا كان التوجه إلى بيت المقدس كقبلة أولى، ثم نسخ الله القبلة إلى الكعبة. . فالحق جل جلاله يقول: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} . . أي أن النسخ يكون إما أن يأتي الله سبحانه وتعالى بخير من هذه الآية أو يأتي بمثلها. . وهل الآية المنسوخة كان هناك خير منها ولم ينزله الله؟ نقول لا. . المعنى أن الآية المنسوخة كانت خيراً في زمانها. . والحكم الثاني كان زيادة في الخير بعد فترة من الزمن. . كلاهما خير في زمنه وفي أحكامه. . والله تبارك وتعالى أنزل الآية الكريمة: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]

ولكن من يستطيع أن يتقي الله حق تقاته. . ذلك صعب على المسلمين. . ولذلك عندما نزلت الآية قالوا ليس منا من يستطيع أن يتقي الله حق تقاته. . فنزلت الآية الكريمة: {فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون} [التغابن: ١٦]

الذي يتقي الله حق تقاته خير، أم الذي يتقي الله ما استطاع؟ طبعا حق تقاته خير من قدر الاستطاعة. . ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا} . .

<<  <  ج: ص:  >  >>