نقول إنك لم تفهم عن الله. . {اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} في الآية الأولى أو {فاتقوا الله مَا استطعتم} في الآية الثانية. . أي الحالتين أحسن؟ نقول إن العبرة بالنتيجة.
. عندما تريد أن تقيم شيئا لابد أن تبحث عن نتيجته أولا.
ولنقرب المعنى للأذهان سنضرب مثلا ولله المثل الأعلى. . نفرض أن هناك تاجرا يبيع السلع بربح خمسين في المائة. . ثم جاء تاجر آخر يبيع نفس السلع بربح خمسة عشر في المائة. . ماذا يحدث؟ سيقبل الناس طبعا على ذلك الذي يبيع السلع بربح خمسة عشر في المائة ويشترون منه كل ما يريدون، والتاجر الذي يبيع السلع بربح خمسين في المائة يحقق ربحا أكبر. . ولكن الذي يبيع بربح خمسة عشر في المائة يحقق ربحا أقل ولكن بزيادة الكمية المبيعة. . يكون الربح في النهاية أكبر.
والذي يطبق الآية الكريمة:{اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} يحقق خيرا أكبر في عمله. . ولكنه لا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته إلا في أعماله محدودة جدا.
إذن الخير هنا أكبر ولكن العمل الذي تنطبق عليه الآية محدود.
أما قوله تعالى:{فاتقوا الله مَا استطعتم} فإنه قد حدد التقوى بقدر الاستطاعة. . ولذلك تكون الأعمال المقبولة كثيرة وإن كان الأجر عليها أقل.
عندما نأتي إلى النتيجة العامة. . أعمال أجرها أعلى ولكنها قليلة ومحدودة جدا. . وأعمال أجرها أقل ولكنها كثيرة. . أيهما فيه الخير؟ طبعا الأعمال الكثيرة ذات الأجر الأقل في مجموعها تفوق الأعمال القليلة ذات الأجر المرتفع.
إذن فقد نسخت هذه الآية بما هو خير منها. . رغم أن الظاهر لا يبدو كذلك، لأن اتقاء الله حق تقاته خير من اتقاء الله قدر الاستطاعة. . ولكن في المحصلة العامة الخير في الآية التي نصت على الاستطاعة. .
نأتي بعد ذلك إلى قوله تعالى:{أَوْ مِثْلِهَا} . . هنا توقف بعض العلماء: قد يكون مفهوما أن ينسخ الله آية بخير منها، ولكن ما هي الحكمة في أن ينسخها بمثلها؟ إذا كانت الآية التي نسخت مثل الآية التي جاءت. . فلماذا تم النسخ؟