أعطى علماً تدريبيا، بأن ندرب الأولاد على مطلوب الله من المكلف ليستطيعوا ويألفوا ما يكلفون به عندما يصلون إلى سن التكليف. ومما يدل على أن التقليد لا يعطي حقيقة، أنك تجد المذهبين المتناقضين - الشيوعية والرأسمالية مثلاً - مقلدين؛ لهذا المذهب مقلدون، ولهذا المذهب مقلدون. فلو أن التقليد معترف به حقيقة لكان التقليدان المتضادان حقيقة، والمتضادان لا يصبحان حقيقة؛ لأنهم - كما يقولون - الضدان لا يجتمعان، هذا هو الدليل العقلي في إبطال التقليد. ولذلك نلاحظ في أسلوب الأداء القرآني أنه أداء دقيق جداً؛ فالذي يتكلم إله. {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا}[الأعراف: ٢٨]
والرد من الله عليهم أنه سبحانه لم يأت في مسألة التقليد بردّ لأنه بداهة لا يؤدي إلى حقيقة، بل قال:{ ... قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشآء أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٢٨]
وهذا رد على قولهم: والله أمرنا بها. وأين الرد على قولهم:{وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا} ؟ .
نقول إنه أمر لا يحتاج إلى رد؛ لأنه أمر يرفضه العقل الفطري، ولذلك ترك الله الرد عليه؛ لوضوح بطلانه عند العقل الفطري، وجاء بالرد على ادعائهم أن الله يأمر بالفحشاء، فالله لا يأمر بالفحشاء. ثم كيف كان أمر الله لكم؟ . أهو أمر مباشر. . بمعنى أنه قد أمر كل واحد منكم أن يرتكب فاحشة؟ ألم تنتبهوا إلى قول الحق سبحانه:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ... }[الشورى: ٥١]
أم بلغكم الأمر بالفاحشة عن طريق نبي فكيف ذلك وأنتم تكذبون مجيء الرسول؟ . وهكذا يكون قولكم مردوداً من جهتين: الجهة الأولى: إنه لا طريق