إذن فتعريف اللعب: هو فعل لم يقصد صاحبه به قصداً صحيحاً لدفع ضر أو جلب نفع. كما يلعب الأطفال بلعبهم، فالطفل ساعة يمسك بالمدفع اللعبة أو السيارة اللعبة، هل له مقصد صحيح ليوجه طاقته له؟ . لا؛ لأنه لو كان المقصد صحيحاً لما حطم الطفل لُعَبَهُ. والطفل غالباً ما يكسر لعبته بعد قليل، وهذا دليل على أنه يوجه الطاقة إلى غير قصد صحيح ولا يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها مضرة.
ولكن حين تُوَجَّه الطاقة إلى ما هو أدنى من المهم فهذا هو اللهو، كأن يكون المطلوب منك شيئا وأنت توجه الطاقة إلى شيء آخر. والذي يعاقب عليه الله هو اللهو. أما اللعب فلا.
ولذلك نجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يطلب من الأهل أن يدربّوا الأبناء على شيء قد يفيد الأمة كالسباحة والرماية وركوب الخيل، ولكن خيبة البشر في زماننا أنهم جعلوا اللعب غاية لذاته. ومن العجيب أن اللعب صار له قانون الجد ولا يمكن أن يخرقه أحد دون أن يُعاقَب؛ لأن الحَكم يرقب المباراة، وإذا ما تناسى الحكم أمراً أو أخطأ هاج الجمهور. وأتساءل: لقد نقلتم قانون الجد إلى اللعب، فلماذا تركتم الجد بلا قانون؟
وكذلك نجد أن خيبة اللهو ثقيلة؛ لأن الإِنسان اللاهي يترك الأمر المهم ويذهب إلى الأمر غير المهم. فيجلس إلى لعبة النرد وهي طاولة ويترك الشغل الذي ينتج له الرزق، وليت هذا اللهو مقصورٌ على اللاهي، ولكنه يجذب أنظار غير اللاهي ويأخذ وقته، هذا الوقت الذي كان يجب أن يُستغل في طاقة نافعة. وفساد المجتمعات كلها إنما يأتي من أن بعضاً من أفرادها يستغلون طاقاتهم فيما لا يعود على ذواتهم ولا على أمتهم بالخير إذن فاللهو طاقة معطلة. {اتخذوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا} .
وغرورهم بالحياة الدنيا إنما يأتي من الأسباب التي خلقها الله مستجيبة لهم فظن كل منهم أنه السيد المسيطر. وحين غرتهم الحياة الدنيا نسوا الجد الذي يوصلهم إلى الغاية النافعة الخالدة، ويكون عقابهم هو قول الله سبحانه:{ ... فاليوم نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هذا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}[الأعراف: ٥١]
فهل يعني قوله عَزَّ وَجَلَّ:{نَنسَاهُمْ} أنه يتركهم لما يفعلون؟ .