جهنم لتشويهم، ونسيانهم هنا هو أنه - سبحانه - لا يشملهم بمظاهر فضله ولطفه ورحمته ويتركهم للنار تلفح وجوههم وتنضج جلودهم.
وهكذا يتأكد من جديد أن الدنيا هي المكان الذي يعد فيه الإِنسان مكانه في الآخرة، فإن أراد مكاناً في عليين فعليه أن يؤدي التكليف الذي يعطيه مكانه في عليين. وإذا أراد مكانه أقل من ذلك فعليه أن يؤدي العمل الأقل. كأن الإِنسان بعمله هو الذي يحدد مكانه في الآخرة؛ لأن الحق لا يجازي الخلق استبدادا بهم وافتياتاً أو ظلماً، ولكنه يجازي الإِنسان حسب العمل؛ لذلك فهناك أصحاب الجنة، وهناك أصحاب النار، وهناك أصحاب الأعراف. وهذا العلم الذي يُنزله لنا الحق قرآناً ينذرنا ويبشرنا هو دليل لكل مسلم حتى نتنافس على أن تكون مواقعنا في الآخرة مواقع مشرفة. {الذين اتخذوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا فاليوم نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هذا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}[الأعراف: ٥١]
وحين يقول الحق سبحانه:{وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} فالآيات إما آيات كونية: {وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر ... }[فصلت: ٣٧]