أي لا ترهق نفسك لأنه سبحانه خلق السماء والأرض في ستة أيام، وسيأتي لهؤلاء الجاحدين يومهم الذي يؤاخذون فيه بسوء أعمالهم وسوف يأتي حتماً.
وهناك من يتساءل: كيف خلق الكون بما فيه من الرواسي والكائنات؟ . . ونقول: إن الإنجاز الذي أخبر به سبحانه مرة واحدة، وانفعلت الكائنات للقدرة مرة واحدة، وتعددت استدامة انفعالات السامع بقدرة الله، في كل جزيئة من جزئيات الفعل، وأخذ الأمر ستة أيام. واستقر الأمر بعد ذلك واستتب، وسبحانه يقول:{ثُمَّ استوى عَلَى العرش ... }[الأعراف: ٥٤]
ولابد أن نعرف العرش ما هو. وسبحانه يقول في ملكة سبأ:{ ... وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}[النمل: ٢٣]
فالعرش إذن هو سرير الملك؛ لأن الملك لا يجلس على العرش إلا بعد إن تستقر الأمور.
فكأن قوله:{استوى عَلَى العرش} كناية عن تمام الأمور؛ وخلقها وانتهت المسألة. لكن العلماء حين جاءوا في {استوى} ، اختلفوا في فهمها؛ لأن العرش لو كان كرسياً يجلس عليه الله، لكان في ذلك تحييز لله ووضعه وضمه في جرم ما. وسبحانه منزه عن أن يحيزه شيء. ولذلك أخذ العلماء يتلمسون معاني لكلمة {استوى} منهم من قال: إن معناها هو قصد إليها بخلقه واختراعه، ومنهم من قال: المقصود بها أنه استعلى وارتفع أمره، ومنهم من قال:«صعد» أمره إلى السماء واستند إلى قوله الحق: {ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ ... }[فصلت: ١١]