وكلها معانٍ متقاربة. وجماعة من العلماء أرادوا أن يخرجوا من التشبيهات؛ فقالوا: المقصود ب «استوى» أنه استوى على الوجود، ولذلك رأوا أن وجود العرش والجلوس عليه هو سمة لاستقرار الملك. وحتى لا ندخل في متاهات التشبيهات، أو متاهات التعطيل نقول: علينا أن نأخذ كل شيء منسوب إلى الله في إطار: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]
فحين يقول سبحانه:
{يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ... }[الفتح: ١٠]
ونحن نفهم أن لليد مدلولاً، والقرآن لغة عربية يخاطبنا بها سبحانه، فالقول أن لله يداً فهذا دليل على قدرته. واستخدام الحق كلمة اليد هنا كناية عن القدرة. والإِنسان عليه أن يأخذ كل شيء منسوب إلى الله مما يوجد مثله في البشر، في إطار {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، فنقول: سبحانه له يد ليست كيد البشر، وله وجود لكنه ليس كوجود البشر، وله عين ليست كعيون البشر. وله وجه ليس كوجه أحد من البشر. ولذلك حينما سئل سيدنا الإِمام مالك عن هذه المسألة قال لمن سأله:«الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة» وأراك رجل سَوْء! أخرجوه. نعم السؤال عنه بدعة لأنه يدخل بنا في متاهة التشبيه ومتاهة التعطيل، وهل سأل أحد من صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن معنى الاستواء؟ . . لا؛ لأنهم فهموا المعنى، ولم يعلق شيء من معناها في أذهانهم حتى يسألوا عنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. إنهم فهموها بفطرتهم التي فطرهم الله عليها في إطار ما يليق بجلال الله وكماله.
وإن قال قائل: أرسول الله كان يعلم المعنى أم لا يعلم؟ . . إن كان يعلم لأخبرنا بها، وإن لم يخبرنا فقد أراد أن يكتمها. وإن لم يكن قد علم الأمر. . فهل تطلب لنفسك أن نعلم ما لم يعلمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟
أو أنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ترك لكل واحد أن يفهم ما يريد ولكن في إطار {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} والذين