للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ... } [الأنعام: ١٦٠]

وهذه هي الحسنة التي تعطي الإِنسان خيراً فيما بعد. إذن فالحسنة التي في ذاتك من عافية وسلامة أو في مقومات الذات من ثمرات وحيوانات وخصب وأعشاب وثراء فكلها موقوتة بزمن موقوت هو الدنيا. والحسنة الثانية غير محدودة لأن زمنها غير محدود. فأي الحسنات أرجح وأفضل بالنسبة للإِنسان؟ . إنها حسنة الآخرة.

وقوله الحق: {فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة} أي جاء لهم قدر من الخصب والثمار وغير ذلك من الرزق يقولون: «لنا هذه» أي أننا نستحقها؛ فواحد يقول: أنا أستحقها لأنني رتبت لها وأتقنت الزراعة والحصاد مثلما قال قارون: {إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ علىعلم عندي ... } [القصص: ٧٨]

وأجرى عليه الحق التجربة، فمادام يدعي أنه جاء بالمال على علم من عنده فليجعل العلم الذي عنده يحافظ له على المال أو يحافظ له على ذاته. وهم قالوا عن الحسنات التي يهبها الله لهم: «قالوا لنا هذه» أي نستحقها، لأننا قدمنا مقدمات تعطينا هذه النتائج. وجرت العادة قديماً بأن يفيض النيل كل سنة يغمر الأرض، ثم يبذرون الحب وينتظرون الثمار. فإن جاءت لهم سيئة مثل أخذهم الله لهم بالسنين ينسبون ذلك لموسى. { ... وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ ألا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ الله ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٣١]

فإذا ما جاءتهم سيئة يطَّيَّرون أي يتشاءمون لأن الطيرة هي التشاؤم، وضده التفاؤل، ويقال: «فلان طائره نحس» ، و «فلان طائره يمن وسعد» . وقديماً حينما كانوا يريدون طلب مسألة ما، يأتون بطير ويضعه صاحب المسألة على يده ويزجره ويثيره، فإن طار يميناً فهذا فأل حسن، وإن طار يساراً فهذا فأل سيئ،

<<  <  ج: ص:  >  >>