للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحق يقول هنا: {يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} فمثلاً، حين يُقْتَلُ إنسان فلولي الدم أن يقتص، لكن الحق يحنن قلب ولي الدم على القاتل فيقول: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فاتباع بالمعروف ... } [البقرة: ١٧٨]

وحين يسمى الحق القاتل أخاً فهو يهدئ من صراع العواطف ويخفف من رغبة الانتقام. ويقول سبحانه أيضاً: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور} [الشورى: ٤٣]

ونجده سبحانه يؤكد أن مثل هذا الأمر من «عزم الأمور» لأنه أمر يتطلب الصبر والمغفرة. ومادام المؤمن قد استطاع أن يصبر وأن يغفر لغريم له، أفلا يصبر إذا نزلت مصيبة عليه بدون غريم كمرض مفاجئ أو افتقاد حبيب؟ . من إذن غريمك في المرض؟ وممن تغضب، وعلى من تهيج وإلى أين انفعالك؟ ولذلك يقول لك الحق سبحانه: {واصبر على مَآ أَصَابَكَ} أي مما لا غريم لك فيه، ويوضح لك سبحانه: {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور} . ونلحظ أن الحق هنا لم يؤكد «باللام» لكنه أكد الأخرى «باللام» ؛ لأن لك غريماً يهيجك ساعة أن تراه، وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول الحق لسيدنا موسى: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} .

يعني إذا وجدت لهم ذريعة ووسيلة وسبباً إلى شيء ويوجد ما هو أحسن فأمرهم أن يأخذوا بالأحسن، لماذا؟؛ لأن الإِنسان إذا روَّض نفسه وذللها وعودها على الأحسن يكون قد فهم عن الله. ونفرض أن واحداً أساء إليك ويمكنك أن تسيء إليه، فعليك أن تراعي في ردك للإِساءة أن تكون بقدرها مصداقاً لقوله الحق سبحانه: {فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ... } [النحل: ١٢٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>