وذلك بأن يأمر بقتل انسان ثم يعفو عنه، وهو بذلك لا يميته بل يحييه في منطق السفسطائيين. لكن هل الأمر بالقتل هو الموت؟ . طبعا لا؛ لأن هناك فارقا بين الموت والقتل، فقد يقتل إنسان إنساناً آخر، لكنه لا يمكن أن يميته؛ لأن الموت يأتي بدون هدم بنيته بشيء؛ برصاصة أو بحجر أو بقنبلة. ولا أحد قادر على أن يميت احداً إذا رغب في أن يميته، فالموت هو الحادث بدون سبب، لكن أن يقتل إنسان إنساناً آخر فهذا ممكن، ولذلك يقول الحق سبحانه عن نفسه:{يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ.
. .} [الأعراف: ١٥٨]
وانظروا إلى الدقة في الأداء؛ فما دام قد أمر الحق رسوله أن يقول: إني رسول الله إليكم جميعاً، وحيثية الإِيمان هي الإِقرار والاعتقاد بوحدانية الإِله الذي له ملك السموات والأرض، وهو لا إله إلا هو، وهو يحيي ويميت؛ لذلك يدعوهم إلى الإِيمان بالخالق الأعلى:{فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ} .
لم يقل محمدٌ وآمنوا بي؛ لأنها ليست مسألة ذاتية في شخصك ما يا محمد، إنما هو تكريم لرسالتك إلى الناس، فالإِِيمان لا بذاتك وشخصك، ولكن لأنك رسول الله، فجاء بالحيثية الأصلية {فَآمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ} ، والرسول قد يكون محمداً أو غير محمد. . وبعد ذلك قال في وصف النبي:{النبي الأمي الذي يُؤْمِنُ بالله وَكَلِمَاتِهِ} . والأمية - كما علمنا من قبل - شرف في سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يؤمن بكلمات الله، وهي إما بما بلغنا عنه من أسلوب القرآن، وإمّا بالذي قاله موسى لقومه:«وجعل كلامي في فيه» .
ويقول فيه عيسى - الذي لا يتكلم من قِبَل نفسه -، وإنما تأتي له كلمات ربنا في فمه، والقول الشامل في وصف كلمات محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ما بيّنه الحق في قوله: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى}[النجم: ٣]
أو أن الإِيمان بالكلمات هو أن يؤمن بأن كل كون الله مخلوق بكلمة منه: