للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]

ولقائل أن يقول: كيف يخاطب الله شيئاً وهو لم يكن بعد؟ ونقول: إنه سبحانه قد علمه أزلاً، ووجوده ثابت وحاصل، ولكن الله يريد أن يبرز هذا الموجود للناس، فوجود أي شيء هو أزلي في علم الله، وكأنه يقول للشيء: اظهر يا كائن للوجود ليراك الناس بعد أن كنت مطموراً في طيّ قدرتي.

وسواء أكانت الكلمة بخلق الأسباب، مثل خلث الشمس والقمر أم بخلق شيء بلا أسباب، كعيسى - عليه السلام - فأنه «كلمة منه» أي كلمة تخطت نطاق الأسباب؛ بأن ولدت سيدتنا مريم من غير رجل. وفي هذا تخطٍ للأسباب، ولذلك قال الحق سبحانه:

{بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} . ونعلم أن كل شيء لا يكون إلا بكلمة منه سبحانه، ولكن بكلمة لها أسباب، أو بكلمة لا أسباب لها. والكلمات هي أيضاً الآيات التي فيها منهج الأحكام، ولذلك يأتي قوله الحق: {قولوا آمَنَّا بالله وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط وَمَآ أُوتِيَ موسى وعيسى وَمَا أُوتِيَ النبيون مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٦]

ويروي لنا الأثر أن سيدنا موسى عليه السلام قال لربه:

«أني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>