إذن فالبشر حتى المصطفى من الله والمؤهل للتلقي عن الله. . لا يكلمه الله إلا وحيا أو إلهامَ خاطرٍ أو من وراء حجاب كما كلم موسى. . أو يرسل رسولا مبلغا للناس لمنهج الله. . أما الاتصال المباشر فهو أمر تمنعه بشرية الخلق.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ} . . والآيات التي يطلبها الكفار ويأتي بها الله سبحانه وتعالى ويحققها لهم. . لا يؤمنون بها بل يزدادون كفرا وعنادا. . والله جل جلاله يقول:{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا}[الإسراء: ٥٩]
إذن فالآيات التي يطلبها الكفار ليؤمنوا لا تجعلهم يؤمنون. . ولكن يزدادون كفرا حتى ولو علموا يقينا أن هذه الآيات من عند الله سبحانه وتعالى كما حدث لآل فرعون. . واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:{فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين}[النمل: ١٣ - ١٤]
وهكذا فإن طلبهم أن يكلمهم الله أو تأتيهم آية كان من باب العناد والكفر. . والحق سبحانه يقول:{كَذَلِكَ قَالَ الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ} . . فبنو إسرائيل قالوا لموسى أرنا الله جهرة. . الذين لا يعلمون قالوا لولا يكلمنا الله. . ولكن الذين قالوا أرنا الله جهرة كانوا يعلمون لأنهم كانوا يؤمنون بالتوراة.
. فتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون. . لذلك قال الله تبارك وتعالى:{تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} . . أي قلوب أولئك الذين كانوا خاضعين للمنهج والذين لا يخضعون لمنهج قد تشابهت بمنطق واحد.