للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو أن الذين لا يعلمون قالوا ولم يقل الذين يعلمون لهان الأمر. . وقلنا جهلهم هو الذي أوحى إليهم بما قالوا. . ولكن ما عذر الذين علموا وعندهم كتاب أن يقولوا أرنا الله جهرة. . إذن فهناك شيء مشترك بينهم تشابهت قلوبهم في الهوى. . إن مصدر كل حركة سلوكية أو حركة جارحة إنما هو القلب الذي تصدر عنه دوافع الحركة. . ومادام القلب غير خالص لله فيستوى الذي يعلم والذي لا يعلم.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الآيات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} . . ما هو اليقين؟ هو استقرار القضية في القلب استقراراً لا يحتمل شكا ولا زلزلة. . ولا يمكن أن تخرج القضية مرة أخرى إلى العقل. . لتناقش من جديد لأنه أصبح يقينا. . واليقين يأتي من إخبار من تثق به وتصبح أخباره يقينا. . فإذا قال الله قال اليقين. . وإذا قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فكلامه حق. . ولذلك من مصداقية الإيمان أن سيدنا أبا بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. . عندما قيل له إن صاحبك يقول إنه صُعد به إلى السماء السابعة وذهب إلى بيت المقدس في ليلة واحدة. . قال إن كان قد قال فقد صدق.

إن اليقين عنده نشأ من إخبار من يثق فيه وهذا نسميه علم يقين. . وقد يرتقي الأمر ليصير عين يقين. . عندما ترى الشيء بعينك بعد أن حُدثت عن رؤية غيرك له. . ثم تدخل في حقيقة الشيء فيصبح حق يقين. . إذن اليقين علم إذا جاء عن إخبار من تثق به. . وعين يقين إذا كان الأمر قد شوهد مشاهدة العين. . وحق يقين هو أن تدخل في حقيقة الشيء. . والله سبحانه وتعالى يشرح هذا في قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التكاثر حتى زُرْتُمُ المقابر كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين لَتَرَوُنَّ الجحيم} [التكاثر: ١ - ٦]

هذه هي المرحلة الأولى أن يأتينا علم اليقين من الله سبحانه وتعالى. . ثم تأتي المرحلة الثانية في قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} [التكاثر: ٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>