أي طلبت الشياطين أن يكون هواه ومراده تبعاً لما يريدون لا لما يريده الله.
وقصة الاستسقاء وردت من قبل في سورة البقرة:{وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ} . وفي سورة الأعراف التي نحن بصدد خواطرنا عنها هم الذين طلبوا الاستسقاء. فهل هناك تعارض؟ . طبعاً لا؛ لأن قوم موسى طلبوا السقيا من موسى، فطلب لهم السقيا من ربه. فهل هذا تكرار؟ لا؛ لأنه سبحانه تكلم عن الواسطة، وبعد ذلك تكلم عن الأصل، وهو سبحانه الواهب للماء؛ فقال هنا:«إذ استسقاه قومه» ، وفي سورة البقرة قال:{وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ} .
وهذا ترتيب طبيعي. أقول ذلك لنعرف الفارق بين العبارتين حتى نؤكد أنه لا خلاف ولا تكرار؛ لأن المستسقي هنا القوم، والمستسقي لهم هنا هو موسى والمستسقي منه هو الله - جلت قدرته - وهذا أمر طبيعي.
والحق سبحانه يقول في سورة البقرة:{وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضرب بِّعَصَاكَ الحجر ... }[البقرة: ٦٠]
ونجد الوحي نزل إلى موسى بقوله:{فَقُلْنَا اضرب} ؛ وهنا في سورة الأعراف نجد الحق يقول:{وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى إِذِ استسقاه قَوْمُهُ أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ الحجر ... }[الأعراف: ١٦٠]
ولنا أن نعرف أَنَّ {فَقُلْنَا} تساوي «أوحينا» تماماً، لأن المقصود بالقول هنا ليس من مناطات تكليم الله لموسى، بل مناط هذه القضية غير المناط في قوله الحق:{وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً} .
فليس كل وحي لموسى جاء بكلام مباشر من الله، بل سبحانه كلمه مرة واحدة كتشريف له، ثم أوحي له من بعد ذلك كغيره من الرسل.