وإذا كان الحق قد ضمن لنا في الأرض الرزق حتى لا نجوع، ولا نعرى، ولا تحرقنا الشمس، ونجد ماء. إذن لقد بقي أمر الطعام لهؤلاء. فقال: لا تحرقنا الشمس، ونجد ماء. إذن لقد بقي أمر الطعام لهؤلاء. فقال:{وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ المن والسلوى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ... }[الأعراف: ١٦٠]
ساعة تأتي كلمة «أنزلنا» نعرف أنها مسألة جاءت من علو، ولا يُفترض أن يكون مكانها عاليًّا، لكن هي مسألة جاءت من أعلى من قدرتك، أي من فوق أسبابك إنها بقدرة الأعلى.
و «المنّ» مادة بيضاء اللون حلوة الطعم مثل قطرات الزئبق. يجدونه على الشجر. ولا يزال هذا الشجر موجوداً إلى الآن في العراق، يهزونه صباحاً فيتساقط ما على الورق من قطرات متجمدة لونها أبيض، فيأخذونه على ملاءة بيضاء واسمه عندهم المنْ - أيضاً - وهو طعم القشدة وليونتها، وحلاة العسل.
و «السلوى» هو طير من رتبة الدجاجيات يستوطن أوروبا وحوض البحر المتوسط واحدته «سَلواة» وهو «السُّماني» ويسميه أهل السواحل «السُّمان» وهو يأتي مهاجراً ولم يربه أحد، وفي هذا إنزال من الله لأنه رزق من فوق قدرة العباد وأسبابهم. {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ المن والسلوى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ... }[الأعراف: ١٦٠]
وهناك مصانع تصنع المن في أشكال مختلفة وأنواع من الحلوى جميلة، ومن زار العراق ذاقه أو أحضره لأهله. والسلوى - كما قلنا - هو طائر «السمان» الموجود في بيئة أخرى يغريه ربنا بالطقس الدافئ فيأتي إلينا لنأخذه، وهذه الطيور جاءت طالبة استمرار الحياة، ويبعثها ربنا لتصير لنا طعاماً ليدلل على أنه حين يريد الماء، وكما ظلّلهم بالغمام، وبذلك صارت حاجاتهم قدريَّة ليس لهم فيها أسباب وجاءت لهم بالهناء.
فقالوا: ومن يدرينا أن الرزق الذي يأتينا من المن والسلوى سيستمر، ثم كيف لنا أن نصبر على طعام واحد؟ إنهم قالوا لنبيهم سيدنا موسى