للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانك اللهم خير معلم ... علمت بالقلم القرون الأولى

أرسلت بالتوراة موسى مرشداً ... وابن البتول فعلَّم الإِنجيلا

ثم جاء لسيدنا محمد وقال:

وفجرت ينبوع البيان محمداً ... فسقى وناول التنزيلا

وهنا توفيق رائع في العبارة حين قال: «فسقى الحديث» ، فالحديث سقيا أما القرآن فمناولة من الله لخلقه. والحق يقول: {فانبجست مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً} .

إن الضربة واحدة من عصا واحدة، وكان المفترض أن تحدث هذه الضربة عينا واحدة تنبع منها المياه، لكن الحق أرادها اثنتي عشرة عينا وعلم كل أناس مشربهم؛ لذلك كان لابد أن يكون المكان متسعاً.

وأن هذه الضربة كانت إيذاناً بالانفعال من الأرض. {فانبجست مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ... } [الأعراف: ١٦٠]

ومن أين عرف كل قسم منهم الماء الذي يخصه؟ إنها قسمة الله وصارت كل عين تجذب أصحابها، فلم يتزاحموا، وهذا يدل أيضاً على التساوي، فلم تنفجر عين بماء أكثر من الأخرى فتثير الطمع، لا، بل انتظم الجميع فيما أراده الحق: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} .

والحق هنا يتكلم عن رحلة بني إسرائيل في التيه، وفي الصحراء والشمس محرقة، ولا ماء، فاستسقوا موسى، فطلب لهم السقيا من الله، وجاءت لهم اثنتا عشرة عينا حتى لا يتزاحموا، وعرف كل منهم مشربه.

ويضيف الحق: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الغمام} .

ولأن الشمس محرقة يرحمهم الله بمسيرة من الغمامات تظللهم، ولكل سبط غمامة على قدره، فإذا كان الواحد من البشر حين يوزع جماعة من كتل صغيرة، لا يعجز أن يضعهم في عشرين خيمة مثلا، فهل يعجز ربنا عن ذلك؟ طبعاً لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>