فالكيان العام واحد ونجد خلافاً في الألفاظ واللقطات عن الآية التي وردت في سورة الأعراف. أول خلاف {وَإِذْ قُلْنَا} ، و {وَإِذْ قِيلَ} ، وشاء الحق ذلك ليأتي لنا بلقطة مختلفة كنا أوضحنا من قبل. ففي آية سورة البقرة يقول سبحانه:{ادخلوا} وفي آية سورة الأعراف يقول: {اسكنوا} ، ونعلم أن الدخول يكون لغاية وهي السكن أي ادخلوا لتسكنوا، وأوضح ذلك بقوله في سورة الأعراف:{اسكنوا} ليبين أن دخولهم ليس للمرور بل للإِقامة.
وأراد سبحانه أن يعطيهم الغاية النهائية؛ لأنه لا يسكن أحد في القرية إلا إذا دخلها.
وهكذا نرى أن كلمات القرآن لا تأتي لتكرار، بل للتأسيس وللإِتيان بمعنى جديد يوضح ويبين ويشرح. ويقول الحق هنا في سورة الأعراف:{وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ} . وفي آية سورة البقرة يقول:{فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} .
وحين أمرهم الله بالدخول وكانوا جوعى أمرهم الحق أن يأكلوا، على الفور والتوّ بتوسع، لذلك أتى بكلمة «رغداً» لأن حاجتهم إلى الطعام شديدة وملحة، لكنه بعد أن أمرهم بالسكن أوضح لهم أن يأكلوا؛ لأن السكن يحقق الاستقرار ويتيح للإِنسان أن يأكل براحة وتأن. وقال الحق هنا في سورة الأعراف:{وَقُولُواْ حِطَّةٌ وادخلوا الباب سُجَّداً} . أي أنه قدم قولهم «حطة» على السجود، وفي آية سورة البقرة قدم السجود فقال:{وادخلوا الباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ... }[البقرة: ٥٨]
جاء الحق بهذا الاختلاف لأنه علم أن انفعالات السامعين تختلف ساعة الدخول، فهناك من ينفعل للقول، فيقول أول دخوله ما أمر به من طلب الحطة وغفران الذنب من الله، وهناك آخر ينفعل للفعل فيسجد من فور الدخول تنفيذاً لأمر الله. وأيضاً قال الحق هنا في سورة الأعراف:{ ... نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيائاتكم سَنَزِيدُ المحسنين}[الأعراف: ١٦١]
وفي سورة البقرة يقول:{نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المحسنين} .