ونعلم أن صيغة الجمع تختلف؛ فهناك «جمع تكسير» وجمع تأنيث، ففي جمع التكسير نغير من ترتيب حروف الكلمة، مثل قولنا «قفل» فنقول في جمعها «أقفال» . أما في جمع التأنيث فنحن نزيد على الكلمة ألفاً وتاء بعد حذف ما قد يوجد في المفرد من علامة تأنيث، مثل قولنا «فاطمة» ، و «فاطمات» ، و «أكلة» ، و «أكلات» وهذا جمع مؤنث سالم، أي ترتيب حروفه لم يتغير، وجمع المؤنث السالم يدل على القلة. لكن جمع التكسير يدل على الكثرة فجاء - سبحانه - بجمع المؤنث السالم الذي يدل على القلة وبجمع التكسير الذي يدل على الكثرة لاختلاف درجات ونسب الخطايا؛ لأن المخاطبين غير متساوين في الخطايا، فهناك من ارتكب أخطاء كثيرة، وهناك من أخطأ قليلاً. والاختلاف حدث أيضاً في عجز الآيتين، فقال في سورة البقرة:{وَسَنَزِيدُ المحسنين} وجاء عجز سورة الأعراف بدون «واو» فقال: {سَنَزِيدُ المحسنين} .
وقد عودنا ودعانا الحق إلى أن نقول: اغفر لنا وأنت خير الغافرين، وارحمنا وأنت خير الراحمين، واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة. وهنا يوضح سبحانه: أنا لن أكتفي بأن أغفر لكم وأن أرفع عنكم الخطايا. لكني سأزيدكم حسناً، وفي هذا سلب للضرر وجلب للنفع. كأن الله حينما قال:«خطاياكم» بجمع التكسير الذي ينبئ ويدل على كثرة الذنوب والخطايا و «خطيآتكم» التي تدل على القلة انشغلوا وتساءلوا: وماذا بعد الغفران يا رب فقيل؟ لهم:{سَنَزِيدُ المحسنين} هل يغفر لنا فقط، أو أنه سيجازينا بالحسنات أيضاً؟ وكانت إجابة الله أنه سيغفر لهم ويزيدهم ويمدهم بالحسنات. وقد عقدنا هذه المقارنة المفصلة بين آية سورة البقرة وآية سورة الأعراف لنعرف أن الآيات لا تتصادم مع بعضها البعض، بل تتكامل مصداقاً لقول الحق:{ ... وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً}[النساء: ٨٢]
ويقول الحق بعد ذلك:{فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ ... }