المطر:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً طَهُوراً} . لأن المطر لا ينزل طوال الوقت من السماء. لكن في الإِرسال استمرار، اللهم إلا بعضاً من تأثير الهواء. ولذلك يقول الحق:{وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ} . فالذي يحتاج إلى استمرارية في الفعل يقول فيه الحق:«أرسل» بدليل أن الله حينما أراد أن يجيء بالطوفان ليغرق المكذبين بموسى قال: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان ... }[الأعراف: ١٣٣]
وعندما أراد أن يرغب عاداً قوم سيدنا هود في الاستغفار والتوبة والرجوع عما كانوا عليه من الكفر والآثام قال لهم:{وياقوم استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ... }[هود: ٥٢]
إذن فالإِرسال يعني التواصل، أما الإِنزال فهو لمرة واحدة، وأراد الحق سبحانه من قصة بني إسرائيل أن يأتي لنا بلقطة فجاء بكلمة «أنزلنا» ، ولقطة أخرى جاء فيها ب «أرسلنا» ؛ لأن العقوبة تختلف باختلاف المذنبين، والمذنبون مقولون بالتشكيك، فهذا له ذنب صغير، وآخر ذنبه أكبر، وكل إنسان يأخذ العذاب على قدر ذنبه؛ فمن أذنب ذنباً صغيراً أنزل الله عليه عقاباً على قدر ذنبه.
ومن تمادى أرسل الله عليه عذاباً يستمر على قدر ذنوبه الكبيرة.
و «رجزاً» أي عذاباً، وهناك رِجْز، ورُجْز، والرِّجز يُولد من الرُّجز؛ وينشأ مثل قوله الحق:{والرجز فاهجر} . أي اهجر الرُّجز. . أي المآثم والمعاصي والذنوب لتسلم من الرِّجز. . أي من العذاب. وهنا يبين الحق أنهم تلقوا العذاب بسبب ظلمهم، وهناك في الآية الأخرى قال:{بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} .
والفسق يسبق الظلم؛ لأن الإِنسان لا يمكن أن يظلم نفسه بمخالفة منهج إلا إذا