المعلومة التي تدخل الذهن، وحمل النفس على مطلوب المعلومة. ولذلك نحن ندرس الدين في مدارسنا، وندرس فيها أيضا الجبر والهندسة، والكيمياء والطبيعة، والمتعب ليس تدريس الدين، بل الذي يتعب الناس هو حمل النفس على مطلوب الدين. لكن التلميذ حين يتعلم الجبر والهندسة أو الكيمياء، فهذه علوم تعطي الإنسان خير الدنيا فيذهب لها، لكن مسألة الدين مسألة قيم؛ لذلك لا يكفي أن نعلم الدين بل لابد أن تنفذ ذلك العلم، وتنفيذ هذه المسألة يكون بالتطبيق في سلوك من أسوة حسنة وقدوة طيبة.
وهب أن الذي يُعلم الدين يدرسه معلومة ويدخلها في نفوس التلاميذ، ثم لا يجدون من أثر هذه المعلومة نضحاً على سلوك مَن علَّمها، ماذا يكون الموقف؟ . هنا تضعف ثقة التلميذ في أستاذة، وتضعف ثقته في الدين؛ لأنه لم ير من الدين إلا كلاماً يقال، بدليل أن من يقولونه لا ينفذونه، وفي هذا فشل في تعليم منهج الدين، والخطأ إذن أن الناس يظنون أن منهج الدين يقف عند تعليم المعلومات الدينية، لا.
إن تعليم الدين يقتضي تنفيذ ما فيه من معلومات، عكس العلوم الأخرى التي تعطي المعلومة فقط. وإن أراد الإنسان أن ينتفع بها في حياته انتفع، وإن لم يرد فهو حر في ذلك.
إذن فالتذكير مرة يكون بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، ومرة يكون بالفعل، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه» وماذا يعني التغيير باللسان؟ . يعني أن الإنسان إن كان عنده حسن تأد واستعداد للعظة ومعرفة أدب النصح فله أن يقبل على تناول العظة. وليس كل إنسان صالحا لأن ينصح؛ لأن المنصوح يخالف المنهج، والناصح يقف أمامه حتى لا يخالف المنهج، إنه يخرجه عما ألف وأحب، لذلك يجب أن يتلطف الناصح في النصح.
ومثال ذلك نجد الطبيب حين يذهب إليه المريض يصف له الدواء، والدواء قديماً كان كله مرًّا. وكانت الناس تأخذ الدواء بصعوبة، ويمسك الكبار الأطفال ليعطوهم الدواء. وحين ارتقت صناعة الدواء، قام الصيادلة بتغليف جرعة الدواء بغلاف يحجب المرارة. ليتلطفوا مع مريض الجسم، فما بالنا بمريض القيم؟ . إنه يحتاج إلى المسألة نفسها. لذلك لابد أن نجعل النصح خفيفاً، ولا نجمع على المنصوح بين