الكافر ضيقاً حرجا؛ فيه غل وحقد وحسد ومكر، وخديعة؛ لذلك يفصل ربنا بين من بقلبه طمأنينة الإيمان وبين من يمتلىء صدره بالضغينة، فالمؤمن من فرقة تختلف عن فرقة أصحاب القلوب الحقودة.
وحين يقول الحق سبحانه وتعالى:
{يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}[الأنفال: ٢٩] .
أي أنه سبحانه وتعالى يفصل بينكم أو يفصل بين عموم الحق وعموم الباطل؛ لأنه يريد أن تكون حركة الحياة وحدة متكاملة منسجمة، لا يسودها هوى جماعة ضد جماعة لها هوى آخر؛ لأنهم كلهم خلفاء لله في الأرض، وكلهم مخلوقون لله، وكلهم متمتعون بخيرات الله؛ لذلك يجب أن تكون حركاتهم متساندة ومتناسقة غير متعاندة.
والتفرق - كما نعلم - إنما ينشأ عن اشتباك؛ بين فريقين اثنين، واحد منهما يمثل فريق الهدى، والثاني هو من حق عليه عذاب الله.
{إِن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}[الأنفال: ٢٩] .
ويتمثل الفرقان في هدى القلب، والبصيرة والعلم؛ وأي شيء يفصل بين الحق والباطل، وأحوال الإنسان - كما نعلم - قسمان: أحوال الدنيا، وأحوال الآخرة، وأحوال الدنيا فيها أمور قلبية مستترة، وفيها أمور ظاهرة، وإن نظرنا إلى حالات الدنيا نجد منها الظاهر وهو الحركة المحسة، ومنها القلبي الذي لا يعرفه من بعد الله إلا صاحب القلب. والفرقان في أحوال الدنيا القلبية تلمسه حين تجد من اهتدى، ومن ضل؛ ونجد أن المهتدي قد شرح ربنا صدره للإسلام. ونجد أن الضال هو من لم يشرح الله صدره للإسلام والمهتدي يعيش ضمن الفريق الذي لا غل فيه ولا حقد، والضال هو من يعيش في فريق يتصف