للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآخرة. ونلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قد وضع معياراً إيمانيا في القتال بين المؤمن والكافر، والمعيار هنا وضعه خالقهم، وخالق قواهم وملكاتهم وعواطفهم. والمعيار الإيماني هو في قوله تعالى:

{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يغلبوا أَلْفاً مِّنَ الذين كَفَرُواْ} [الأنفال: ٦٥] .

إذن فالمعيار الإيماني باختصار يساوي واحداً إلى عشرة، أي أن القوة الإيمانية تجعل من قوة المؤمن ما يعادل قوة عشرة من الكفار، هذا هو المقياس. وهنا يأتي بعض الناس ليقول: أساليب القرآن مبنية على الإيجاز وعلى الإعجاز، فلماذا يقول الحق سبحانه وتعالى: «عشرون يغلبوا مائتين» . ثم يقول «مائة يغلبوا ألفا» ؛ ألم يكن من الممكن أن يقال: إن الواحد يغلب عشرة وينتهي القول؟ .

نقول: إنك لم تلاحظ واقع الإسلام؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يذهب مع المؤمنين في قتالهم ويحضر معهم بعضاً من أحداث القتال التي نسميها «غزوات» . أما البعثات القتالية التي لم يخرج فيها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وكان يكتفي فيها بإرسال عدد من المؤمنين، فقد كانت تسمى سرايا، وهذه السرايا كانت لا تقل عن عشرين مقاتلاً ولا تزيد على مائة، فذكرها الله تعالى مرة بالعشرين ومرة بالمائة.

وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى:

{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>