والمراد بالوليجة هنا بطانة السوء التي تدخل على المؤمنين الضعاف، وتتخلل نفوسهم ليفشوا أسرار المؤمنين ويبلغوها للكفار. ولذلك شاء الحق سبحانه وتعالى أن يوضح لنا {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ} أي: أن يعلم سبحانه علما واقعيا من جاهدوا، ولم يتخذوا بطانة سوء من الكفار يدخلونهم في شئونهم دخولا يكتشفون أسرارهم.
{وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المؤمنين وَلِيجَةً}[التوبة: ١٦] .
فالممنوع هنا - إذن - أن يتخذ المؤمنون الكفار وليجة؛ لأن الكافر من هؤلاء سيأخذ أسرارهم ويفشيها لعدوهم. وبذلك يتعرض المؤمنون للخطر. وعلى المؤمن أن يجعل الله عَزَّ وَجَلَّ هو وليجته، وأن يجعل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هو وليجته، وأن يجعل المؤمنين هم وليجته، ويسمح لهم أن يتداخلوا معه، وهم مأمونون على ما يعرفونه من بواطن الأمور، أما الأعداء والخصوم من الكفار فهم غير مأمونون على شيء من أسرار المؤمنين. ويذيل الحق سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله:
{والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[التوبة: ١٦] .
والمعنى: إن كنتم تحسبون أنكم تتداخلون مع الكفار وتعطونهم أسرار المؤمنين ولا أحد يعرف، فاعلموا أن الله تعالى يسمع ويرى، وأن الله خبير لا تخفى عليه خافية، فلا تخدعوا أنفسكم وتحسبوا أنكم إن أخفيتم شيئا عن عيون الخلق قد يخفى على الله أبدا؛ فلن يخفى شيء عن عيون الخالق؛