للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} [الكهف: ١١٠] .

وقال أحد الصالحين: «إني لا أشرك بك أحدا حتى الجنة، لأن الجنة أحد» .

وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ} وقد ترحم ولكنك لا تنال الرضوان، فوضح المولى سبحانه وتعالى ذلك وأضاف «الرضوان» إلى «الرحمة» ، ولذلك يقول الحق عَزَّ وَجَلَّ: {بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ} والرضوان هو ما فوق النعيم. وبعد الرضوان يقول الحق سبحانه وتعالى: {وجنات لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ} .

ولقائل أن يقول: هل هناك جنة ليس فيها نعيم؟ ولماذا ذكرت النعيم؟ والجنة وجدت أصلا لينعم فيها الإنسان.

ونقول لمثل هذا القائل: انتبه والتفت جيدا إلى المعنى، فالمتحدث هو الله سبحانه وتعالى. وقد يكون عند الإنسان نعمة واسعة، ولكن يحيا في الكثير من المنغصات، مما يجعله لا يستمتع بالنعمة، كمرض يملؤه بالألم، أو ابن عاق يكدر حياته، أو زوجة تملأ الحياة كدرا ونكدا، قد يحدث كل ذلك فلا يستمتع الإنسان بما يملك من نعمة الله؛ لأن المكدرات قد أحاطت به. وهنا يريد الحق سبحانه وتعالى أن يلفتنا إلى أن جنة الآخرة ليس فيها منغصات الدنيا، بل هي صفاء واستمتاع، يعطي فيها الحق سبحانه وتعالى لعبده ما تشتهيه نفسه ويبعد عنه جميع المنغصات، وقد يخاف الإنسان ألا يدوم مثل هذا النعيم، لذلك يطمئن الحق العبد المؤمن أنه {نَعِيمٌ مُّقِيمٌ} ، قد ينظر إنسان إلى أن الإقامة مقولة تحمل التشكيك، فقد تستغرق الإقامة زمناً طويلاً ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>