للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشتدت الحرب وصار لها أوار، فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الآن حمى الوطيس، أي اشتدت الحرب، ثم قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» .

ويروى هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ البراء بن عازب، فقد جاء في الصحيحين عن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. «أن رجلاً قال له: يا أبا عمارة أفررتم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يوم حنين؟ فقال: لكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يفر، إن هوزان كانوا قوماً رُمَاةً، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، فانهزم الناس، فلقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلته البيضاء وهو يقول:» أنا النبي لا كذب. أنا ابن عبد المطلب «

أي: أنه رسول الله، والله لن يتخلى عنه ولن يخذله، ولم يثبت أمام المؤمنين واحد من هوازن وثقيف، وانتهت المعركة عن ستة آلاف أسير من النساء، كما غنم المسلمون أموالاً لا حصر لها وعدداً كبيراً من الإبل والبقر والغنم والحمير. وأحضر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بديل بن ورقاء وقال له: أنت أمير على هاذ المغنم. اذهب به وأنا سأتتبع الهاربين.

وانطلق جيش المسلمين إلى الطائف ليطارد الفارين. واختبأ مالك بن عوف قائد العدو. ثم عاد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد ذلك وقسم الغنائم، وكاد تقسيم الغنائم أن يحدث فتنة بين المسلمين؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعطى الغنائم للمؤلفة قلوبهم، ولسائر العرب ولم يعط منها الأنصار، لقد أراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يقارن بين شيئين، بين سبايا هي أيضاً من متاع الدنيا فيعطي منها المؤلفة قلوبهم وبين حب الله ورسوله فيكون حظ الأنصار منه، فالأنصار الذين آووه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في رأيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يستغنون بحبهم لرسول الله وقوة إيمانهم بالله عن مثل هذا المتاع الدنيوي، إلا أنه على الرغم من ذلك شعر بعض من الأنصار بالغُصَّة، وتأثر هذا البعض بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>