فضائل، وهي أن أهل مكة كانوا قد حاولوا قتل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فهاجر منها فآواه أهل المدينة، وجاء الرسول والمؤمنون إلى المدينة لا يملكون شيئاً، فأعطاهم الأنصار من أموالهم وزوجاتهم، وكان الكفار يحاولون قتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأمَّنه الأنصار، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد خذله قومه من قريش فنصره الأنصار.
عندما سمع الأنصار قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذكر مفاخرهم. قالوا: المنة لله والرسوله، أي: إننا معشر الأنصار لا نقول هذا الكلام الذي قلته أبداً؛ لأن حلاوة الإيمان وجزاء الإيمان أكبر من هذا بكثير، وبهذا لا يكونون هم الذين أعطوا، بل الإيمان هو الذي أعطاهم. فالإيمان نَفْعُه نَفْع أبدي. والحق تبارك وتعالى يقول:{قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ للإيمان}[الحجرات: ١٧] .
وعندما قال الأنصار لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: بل المنة لله ولرسوله، قال لهم رسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:
«أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألَّفْتُ بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعْباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعبْ الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» فلماَ سمعوا هذا القول من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَكَوْا حتى اخضلَّتْ لحاهم وقالوا: رضينا بالله وبرسوله قسماً وحظاً. وانتهت المسألة.