أساريرك، ومن سيقابلك سيلحظ ذلك ويعرف أنك مبتهج، وإن كنت غاضباً أو تعاني من ضيق، فهذا يتضح على أساريرك.
إذن: فالمادة تنفعل بانفعال القيم، وما دامت القيم فاسدة فالمادة التي يتكون منها جسده تكون متمردة على صاحبها؛ لأن المادة بطبيعتها عابدة مسبحة لله، وكذلك الروح بطبيعتها عابدة مسبحة لله تعالى، ولا ينشأ الفساد إلا بعد أن توضع الروح في المادة، ثم تتكون النفس من الاثنين معاً، المادة والروح، فإن غلَّبت النفس النفس منهج الله صارت مطمئنة، وإن تأرجحت النفس بين الطاعة والمعصية، فإما أن تطيع فتكون نفساً لوامة، وإما أن تكفر وتتخذ طريق الشر فتكون نفساً أمارة بالسوء. أما قبل أن تنفخ الروح في المادة، فكل منها مسبح لله تعالى؛ لأن كل شيء في الوجود عابد مسبح، والنفس في كل سلوكها مقهورة لإرادة صاحبها بتسخير من الله عَزَّ وَجَلَّ، وحين يأتي الموت، تنتهي الإرادة البشرية وتسقط سيطرة الإنسان على جسده، بل إن هذا الجسد يشهد على صاحبه يوم القيامة. والإنسان في الحياة الدنيا يعيش وإرادته تسيطر على مادته بأمر من الله، فاليد قد تضرب إنساناً، وقد تعين إنساناً آخر وقع في عسرة، ولسان المسلم يشهد أن لا إله إلا الله، ولسان الكافر يشرك مع الله آلهة أخرى.
إذن: فمادة الإنسان خاضعة لإرادة صاحبها في دنيا الأغيار، فإذا انتقل إلى الآخرة فلا تأثير له على المادة، وتتحرر المادة من طاعة صاحبها في المعصية، وتتمرد عليه، وتشهد على صاحبها بأنه كان يستخدمها في المعصية. والحق سبحانه وتعالى يقول:{حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}