إنه ليس هناك عند الله اتجاه مفضل على اتجاه. . ولكن تغيير القبلة جعله الله سبحانه اختبارا إيمانيا ليس علم معرفة ولكن علم مشهد. . لأن الله سبحانه وتعالى يعلم. . ولكنه جل جلاله يريد أن يكون الإنسان شهيدا على نفسه يوم القيامة. . ولكنه اختبار إيماني ليعلم الله مدى إيمانكم ومن سيطيع الرسول فيما جاءه من الله ومن سينقلب على عقبيه. . فكأن أمر تحويل القبلة سيحدث هزة إيمانية عنيفة في المسلمين أنفسهم. . فيعلم الله من يستمر في إيمانه واتباعه لرسول الله. . ومن سيرفض ويتحول عن دين الإسلام.
وقوله تعالى:{وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الذين هَدَى الله} . . والله يريد هنا العلم الذي سيكون شهيدا على الناس يوم القيامة. . وعملية الابتلاء أو الاختبار في تغيير القبلة عملية شاقة. . إلا على المؤمنين الذين يرحبون بكل تكليف. . لأنهم يعرفون أن الإيمان هو الطاعة ولا ينظرون إلى علة الأشياء.
ولكن الكفار والمنافقين واليهود لم يتركوا عملية تحويل القبلة تمر هكذا فقالوا: إن كانت القبلة هي الكعبة فقد ضاعت صلاتكم أيام اتجهتم إلى بيت المقدس. . وإن كانت القبلة هي بيت المقدس فستضيع صلاتكم وأنتم متجهون إلى الكعبة.
نقول لهم لا تعزلوا الحكم عن زمنه. . قبلة بيت المقدس كانت في زمنها والكعبة تأتي في زمنها. . لا هذه اعتدت على هذه ولا هذه اعتدت على هذه. . ولقد مات أناس من المؤمنين وهم يصلون إلى بيت المقدس فقام المشككون وقالوا صلاتهم غير مقبولة. . ورد الله سبحانه بقوله:{وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} . . لأن الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس كانوا مطيعين لله مؤمنين به فلا يضيع الله إيمانهم.
وقوله تعالى:{إِنَّ الله بالناس لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} . . أي تذكروا أنكم تؤمنون برب رءوف لا يريد بكم مشقة. . رحيم يمنع البلاء عنكم.