والحق سبحانه وتعالى يقول:{الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً}[الكهف: ١ - ٤] .
أي: أن هذا القول منهم كلام له معنى في اعتقادهم، ولكن ليس له واقع، ولذلك قال المولى سبحانه وتعالى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أي: لا واقع لهذا القول يسنده فهو كذب.
{ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ} وهل هذا القول بالأفواه أهم ابتكروه أم ابتدعوه؟ إن الحق سبحانه يوضح لنا:{يضاهئون قَوْلَ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ} أي: أنهم لم يأتوا بهذا التصور من عندهم، بل من شيء له واقع، فقد قال المشركون ما أورده الحق على ألسنتهم:{وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثاً}[الزخرف: ١٩] .
فقد توهم المشركون أن لله تعالى بنات والعياذ بالله - وسبحانه منزه عن ذلك، في ذلك يخاطبهم المولى {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى} - إذن: فهذا كلام قديم؛ لذلك قال الحق عنهم:{يضاهئون} أي: يشابهون ويماثلون الذين من قبلهم حينما قالوا مثل ذلك، كما أن البوذية في الصين واليابان قالت ببنوة الإله والحلول وقد حفظ بعضهم من هؤلاء، ولم يطرأ جديد من ألسنتهم، وهم كما وصفهم القرآن الكريم {يضاهئون} أي: يشابهون ويماثلون به قول الذين كفروا من قبل، و «المضاهاة» هي المماثلة والمشابهة، وقالوا: إن مادتها مأخوذة من امرأة «ضَهيْاء» وهي التي ضاهت وشابهت