للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقول لهم: أنتم لم تفهموا المعنى، فالأول: هو الضَّالُّ الذي يرتكب المعاصي ولكنه لم يُغْرِ بها غيره، أي: أنه عصى الله ولم يتجاوز المعصية. أما الثاني: فقد ضلَ وأضل غيره. . أي: أنه لم يكتف بارتكاب المعصية بل أخذ يغري الناس على معصية الله. وكلما أغرى واحداً على المعصية كان عليه نفس وِزْر مرتكب المعصية.

وهنا يقول الحق: {ضَلُّ بِهِ الذين كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً} وطبعاً التحليل والتحريم هنا حدث منهم لظنهم أن هذه مصلحتهم، أي أنهم أخضعوا الأشهر الحرم لشهواتهم الخاصة، وخرجوا عن مرادات الله في كونه، يوم خلق السماوات والأرض.

ولكن لماذا يُحلُّونه عاماً ويُحرِّمونه عاماً؟ تأتي الإجابة من الحق: {لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله} أي: ليوافقوا عدة ما أحله الله حتى يبرروا ويقولوا لأنفسهم: نحن لسنا عاصين، فإن كان الله يريد أربعة أشهر حرم، فنحن قد التزمنا بذلك! ولكن تشريع الله ليس في العدد فقط ولكن في المعدود أيضاً، وقد حدد لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الأشهر الحرم.

وكان عمرو بن لحي أو نعيم بن ثعلبة هما أول من قاما بعملية النسيء هذه، فأحلَّ شهر المحرم، وحرَّم غيره وهؤلاء الذين قاموا بهذا العمل كانوا يعرفون أن هناك أربعة أشهر حرم بدليل أنهم أحلوا وحرموا. ولو لم يعرفوها ما أحلوا ولا حرموا، ولكن هم أرادوا أن يُخضعُوا تشريع الله لأهوائهم. وهذا هو المغزى من تحليل

<<  <  ج: ص:  >  >>