أغيار، وأن دوام الحال من المحال، فلو دامت لغيرك ما وصلتَ أنت إلى القمة؛ لأن مَنْ كان عليها سقط فصعدتَ أنت.
إذن: فمعنى هذا أنك وإن وصلتَ للقمة فلن تثبت عليها وتبقى هكذا بلا تغيير. وما دمتَ قد وصلت إلى أعلى ما يمكن، فالتغيير الوحيد الذي يمكن أن يحدث لك هو أن تنزل؛ لأنك وصلت إلى قمة الصعود، ولم يَعُدْ بعدها شيء تصعد إليه. فالتغيير المتوقع لا بد أن يكون إلى أسفل، ويقال:«ترقَّبْ زَوالاً إذا قِيل تَمّ» ، ولهذا نجد أهل الحكمة والبصيرة يقولون: إن المصائب في الأموال والأنفس من تمائم النعمة، وكأن الحق لا يريد أن يتمم النعم؛ لأنه إن تمت تزول؛ لأن المصيبة ما دامت قد حدثت فلا بد أن تزول.
وسبحانه حين يقول:{فَمَا مَتَاعُ الحياوة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ} يريد أن يبين لنا أن متاع الآخرة أكبر، فأنت حين تقول: شيء في شيء. فأيهما يكون أكبر؟ إنه الذي يدخل فيه الشيء الآخر، فإذا قلنا: فلان في البيت، فمعنى ذلك أن البيت أكبر من فلان هذا، وإلا لما احتواه داخله. وإن قلنا: محمد في جدة أو في المملكة السعودية أو في مصر؛ يكون هناك ظرف ومظروف، والمظروف عادة أوسع من الظرف، وسعته كبيرة لدرجة أنه تحيط بالظرف من كل جوانبه.