وقول الحق سبحانه:{فَمَا مَتَاعُ الحياوة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ} معناه: أن متاع الدنيا يتوه في متاع الآخرة؛ لأن متاع الآخرة أوسع ويحتوي متاع الدنيا ويزيد، وما دام الكلام بقدرة الله سبحانه وتعالى، فمعنى ذلك أن سعة متاع الآخرة بالنسبة لمتاع الدنيا لا نهائية. فإذا زاد الحق سبحانه وقال:{فَمَا مَتَاعُ الحياوة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ} فهو لإعطاء صورة لسعة متاع الآخرة.
لكن هذا الاستثناء في قوله تعالى {إِلاَّ قَلِيلٌ} إنما هو لمخاطبة العقول بالنسبة لقمة المتمتعين في الدنيا.
ومثال هذا: أنك تجد إنساناً قد أعطاه الله قمة متاع الدنيا، وتجده يعتقد أن المتاع لا يمكن أن يزيد على ما وصل إليه، فيوضح الحق سبحانه وتعالى له: لو أنك متمتع بكل ما تستطيع أن تعطيه لك الدنيا فهو بالنسبة لمتاع الآخرة قليل.
وإذا كان غير المتمتع بشيء من متاع الدنيا ينظر إلى مَنْ أعطاه الله سبحانه وتعالى قمة متاع الدنيا ويتساءل: هل هناك متاع أكثر من ذلك؟ إن هذا الإنسان متمتع بكذا وكذا وكأنه يعيش في الجنة، ولا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك متاع أكثر من هذا. نقول له: لا، إن ما تحسبه نهاية لما يمكن أن يتمتع به الإنسان هو بالنسبة لمتاع الآخرة قليل.
إذن: فقوله سبحانه {إِلاَّ قَلِيلٌ} ليس مقصوداً به المتعة العادية للدنيا التي يتمتع بها الناس، ولكن المقصود به متاع القمة الذي لا يصل إليه ولا يحدث إلا لأفراد قليلين في العالم. فقد يعيش إنسان في قصر ضخم، وحوله المئات من الناس يخدمونه، وعنده من الأجهزة الإلكترونية وغيرها ما يجعله بمجرد أن يريد شيئاً يضغط على زر صغير فيجد ما يريده