ثم حدث من هذا الصديق سلوك أو قول يُهيج على الخروج عليه، فينفر منه الإنسان. والحق سبحانه هنا يأمر:{انفروا} والذي يهيج على النفور هو رفعة دين الله وكلمته، وحين ترفعون كلمة الله إنما يفتح لكم باب الارتفاع بها فقال:{انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} . والخفيف: هو الصحيح السليم القوي الذي لا تتبعه ولا ترهقه الحركة. والثقيل: هو المريض أو كبير السن.
والله يريد من الجميع أن يسارعوا إلى القتال؛ لينجوا من العذاب الأليم، وينالوا توبته ورضاه.
ولكن الصحيح خفيف الحركة يمكنه أن يقاتل، فماذا يفعل المريض؟ يفعل مثلما فعل سيدنا سعيد بن المسيَّب وكان مريضاً، إذ قالوا له: إن الله أعفاك من الخروج إلى المعركة في قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعرج حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المريض حَرَجٌ}[الفتح: ١٧] .
فقال: والله أكَثِّرُ سواد المسلمين وأحرس متاعهم.
ومن الممكن أن يكون المريض متميزاً بالذكاء وصحة العقل، ويمكن أن يُسْتشار في مسألة ما. وقد يكون المريض أسْوة في قومه، فإذا خرج للقتال هاج قومه وخرجوا معه، ويمكن أن يكون المريض أو الضعيف حافزاً للأقوياء على القتال.
فحين يرى الأقوياء المريض وهو يخرج للقتال؛ فإنهم يخجلون أن يتخلفوا هم.