واختلف العلماء في تفسير قوله تعالى:{انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} فبعضهم قال: إن هذه إشارة إلى ذات الإنسان، فهناك ذات خفيفة وذات ثقيلة في الوزن لا تستطيع الحركة بسهولة، وقال آخرون: إن الفرد الواد يمكن أن يكون فيه الوضعان، وقوله تعالى:{انفروا} هو أمر للجماعة، و {خِفَافاً} جمع «خفيف» ، و {ثِقَالاً} جمع «ثقيل» ، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة إلى آحاد.
والمعنى: أن ينفر كل واحد من المسلمين سواء كان خفيفاً أم ثقيلاً. وسبق أن ضربنا المثل حينما يدخل الأستاذ على الطلبة ويقول: أخرجوا كتبكم، ومعنى هذا الأمر أن يُخرج كل تلميذ كتابه، وإن قلت: اركبوا سياراتكم، فمعنى ذلك أن يركب كل واحد منكم سيارته.
إذن: فالآية تعني: لينفر كل واحد منكم سواء كان ثقيلاً أم خفيفاً.
ولكن: كيف يكون الإنسان ثقيلاً وخفيفاً في وقت واحد؟ نقول: يكون خفيفاً أي: ذا نشاط للجهاد، وثقيلاً أي: أنه سيدخل في مشقَّة تجعل المهمة ثقيلة على نفسه. والله سبحانه وتعالى يقول:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ}[البقرة: ٢١٦] .
والدخول فيما هو مكروه في سبيل الله أمر يرفع درجات الإيمان. إذن: فالآية تحتمل أكثر من معنى، فهي تحمل المعنى العام: أن يكون البعض خفيفاً والبعض ثقيلاً في ذاته، أو: أن يجمع القتال بين الخفة