ويتساءلون: هل اكتشف الرسول أمرنا أم كشف الله لنا بعض خبايانا؟ وكانوا في خوف أن يفتضح في خوف أن يفتضح أمرهم، فيعاملهم معاملة المشركين ويشردهم.
وثانياً: كانوا يخافون من أن يدخل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في حرب؛ لأنهم ما داموا قد أعلنوا الإيمان فهم مطالبون ببذل المال، وأن يذهب أولادهم الذين بلغوا سن القتال مع جيش المسلمين، وكانوا يقولون بينهم وبين أنفسهم: ما لنا نبذل المال ونضحي بالأولاد في سبيل ما لا نؤمن به. وهم بمشاعرهم تلك يختلفون عن مشاعر المؤمنين الذين يُلبُّون نداء رسول الله طمعاً في الجنة أو النصر. وهذا لون من ألوان العذاب.
وهناك لون آخر من العذاب: عندما يخرج هؤلاء المنافقون إلى إحدى الغزوات، فهم يخافون على أنفسهم من القتل أو الأذى بالأسر أو سبي النساء، فيكونون في عذاب نفسي طوال الرحلة إلى الغزوة وفي أثناء الحرب.
ولون ثالث من ألوان العذاب: أن عابد المال يجمع المال من حرام ومن حلال، لا يهمه من أين جاء المال؟ ولكن يهمه أن يأتي، والذي يكسب حلالاً يكون واضح الحركة في الحياة، والذي يكسب حراماً هو لص يخاف أن ينكشف أمام الناس، ويعيش في عذاب أليم دائم من أن يأتي يوم يكشف الله ستره فيعرف الناس أنه ارتشى، أو أنه اختلس، أو أنه زَوّرَ وَزيَّف. أو أنه فعل شيئاً يُحقّره في أعين الناس أو يُعرِّضه للعقوبة؛ كأن يكون قد تاجر في المخدرات أو في الأعراض. أو في غير ذلك، وخوفه من انكشاف أمره يجعله يعيش في عذاب دائم وصراع مستمر.